هنا شرح للحديث الأول من الأربعين النووية:
راوي الحديث هو : عمر ابن الخطاب المكنى : بأبي حفص , وحفص هو الأسد.
قال العلماء عن هذا الحديث أنه:
((غريب في أوله مشهور في آخره))
فهو غريب في أوله وذلك لأن : عمر قد تفرد بروايته عن الرسول ,ومشهور في آخره وذلك للأن معنى الحديث ورد في أحاديث أخرى .
وقالوا عن هذا الحديث أنه حديث مهم واشتمل على عظيم شيء في الإسلام وهو الإخلاص, فلا يقبل العمل إلا به, وقال حمزة الكناني: أنه ثلث الإسلام وذلك لأن أفعال الإسلام تقوم بثلاث: القلب وباللسان وبالجوارح فالقلب له الإخلاص والمحبة واللسان له الذكر وقراءة القرآن والجوارح لها الحج والصلاة وغيرها, وقد قصد الحديث هنا النية والنية: هي ماعزم عليه القلب,لذلك هي ثلث الدين وقال أبا عبيد: " جمع الرسول أمر الآخرة في كلمة واحدة وهي "إنما الأعمال بالنيات"", وقال أبو عبد الله البخاري (
ليس في أخبار السول شيء أجمع ولا أغنى ولا أكثر فائدة من هذا الحديث)) ولهذا فقد ابتدأ البخاري كتابه بهذا الحديث العظيم.
*إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى *
إنما : تفيد هننا الحصر عند المحققين, وهي لإثبات المذكور ونفي ما سواه فهي تثبت هنا الأعمال التي تقوم بالنية وتنفي الأعمال التي لاتقوم بالنية, فالنية فالنية شرط قبول العمل,,,وقد وردت كلمة "النيات " في روايات أخرى مفردة: "إنما الأعمال بالنية" بالإفراد ومعناها أن مصدر النيات كلها شيء واحد وهوالقلب .
وقال ابن القيم( إن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها إنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب)) .
ذكر كلمة"إنما" مرة أخرى وهي كذلك تفيد الحصر , فصاحب العمل الذى هو امرؤ ماذا ينال من عمله؟؟ يحصد ما نواه, وكلمة الأعمال في الحديث تشمل كذلك الأقوال,فبين الرسول أن من نوى عملا وقام به فله أجره بحسب نيته إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا وإذا حال بين المرء وعمله فله أجر ما نواه كذلك.
سبب ورود الحديث:
قال ابن مسعود:" كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها: أم قيس , فأبت أن تتزوجه إلا أن يهاجر, فهاجر وتزوجها, فكنا نسميه مهاجر أم قيس"
"رواه الطبراني . فهذا الرجل نوى الهجرة وبالفعل هاجر إذن فله جزاؤه إما ثوابا أو إثما, فإن كانت هجرته ليخطب أم قيس وأظهر للناس أنها لله ورسوله فهو آثم. .*فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله*
هنا يبين الرسول مثالا لما في في الأمثلة من توضيح وبيان, فيضرب الرسول هنا مثلا لرجل مهاجر والهجرة: "هي الإنتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام هربا من الفتنة وطلبا في إقامة دين الله أو الهجرة:" هي هجر ما نهى الله عنه إلى ما يحبه الله" ,وانتقل طلباا للدين وخوفا على دينه من الفتن ورغبة في الجنة فهجرته بحق لله ورسوله," فمن: حرف شرط..."فهجرته إلى.." :جواب الشرطوقد كرر نفس الجملة ولم يقل " فمن كانت هجرته إلى الل ورسوله فهجرته إلى ماهاجر إليه" وذلك لتفخيم هذه النية وتعظيمها.
*ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه*
ومعنى دنيا: "هي كل المخلوقات على الأرض وقيل بأنها كل ماخلق قبل قيام الساعة فهو دنيا" والمعنى هنا في قول الرسول :"دنيا يصيبها" أي : دنيا يحصلها فمن كانت هجرته لدنيا أو امرأة ينكحها " فهجرته إلى ما هاجر إليه " ولم يقل:" ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته لدنيا ييبها أو امرأة ينكحها" وذلك تحقيرا وتصغيرا لهذه النية فهي ليست كمن هاجر لله ورسوله, وهجرته لدنيا يصيبها: أي أنه تاجر , أو امرأة ينكحها فهو: خاطب, , * فهو شيء تافه لا حاجة لتكراره.
الخلاصة :
1\الأعمال المعتبرة لا تكون إلا بالنية
2\ما يترتب على العمل يكون بحسب النية
3\ضرب الأمثلة